ذات حلم
[size=25]
ذاتَ حلم..
كانَ الصّقيع يقبِّل خدِّي الأيمن.. المُلتصق بفراشيِّ الكرتونيّ.. في زَاوية الزّقاق القديم..
وَجدتُ بالوناً عِند نافذة الحلم.. رُسمَ على شِفاهه (بالون الأمنيات)..
ومعَ كلِّ أمنيةٍ كان يكبرُ ويكبرْ..
إلى أن انفجرَ سَاخراً مِن أمنياتي..
فاستيقظتُ على وقع ظلِّ الجُوع..
* * *
ذاتَ حلم..
رأيتُ (سعاد) عند قارعة الغياب.. ما تزالُ تبحثُ عن حلمٍ مستحيل..
كالحةُ الوَجنات ذاتَ الأربعة عشرَ خريفاً.. ما تزالُ تبحثُ بعدَ الذهاب..
قالوا لنا: حمقى.. إنَّ الفقراء لا ربَّ لهم..
لأنهم فقراء!!
سألتني: هل حقاً لا ربّ لنا يحمينا الجُوع؟!!..
لا تصدقيهم.. لنا رب سيأتي يوماً..
لم أعرف..
وعندَ الساعة الواحدة من بعدَ منتصفِ البرد.. ذلك المساء..
أطلّ الله من فرجةٍ في السَّماء وأخذها..
وفي الصباح.. كانَ الموت سَخياً..
ولم يكن هناك شيء يفصل بين جثة (سعاد) وأحذية المارَّة..
* * *
ذات حلم..
رأيتُ جُوعي وعُرييّ ممتداً عبرَ الأزقة.. أنّاتي حاصَرت كلّ الأثرياء..
انحشرَ الهواءُ ضيقاً.. ولم يعد الصبح يتنفّس..
انحسرَ المدى.. وغادرَ الفرح على نَصل اليوم..
وعلى طلسمِ الغروب..
عسعس الحُزن.. وسقط الظلام متأوهاً..
راقبتُ أطفال الأثرياء.. عبر زجاج النوافذ..
بحقدٍ دفين..
لا لشيء..
إلا لأنهم..
..
..
شبعى..
* * *
ذاتَ حلم..
ماتَ الحُلم في حلمي..
جلستُ أنا و(سعاد) على قارعة الضياع.. عزفَت (سعاد) للحلم على ناي الحزن طويلاً..
صوتُ الناي أبكى السّماء.. فهطلت مطراً مَالحاً..
رسمتُ على قطرة المطر أحلاماً لم أملك ترف تحقيقها..
حين غابت تلك القطرات في مزراب تشرُّدي.. تبللتُ بالصمت..
وعلى حافة الحزن..
شيعت الحلم..
على شاهدة قبره قرأت..
حرامٌ عليكم.. حتى الحلم..
* * *
وذات حلم أيضاً..
لم أرَ نصف رغيفٍ في حلمي..
لأنه..
حرامٌ.. علينا..